التخطي إلى المحتوى
بابا العرب.. رفض زيارة القدس وكان أكثر الشخصيات زيارة للجبهة قبل حرب أكتوبر 1973 – تحقيقات وملفات


عُرف الشاب نظير جيد (البابا شنودة الثالث) بوطنيته، فكان مصرياً حتى النخاع، إذ ناهض العدوان الإسرائيلى على مصر وهو ما زال شاباً فى الجامعة، ورفض دخول القدس دون شيخ الأزهر وهو بطريرك على الكرسى المرقسى، وواجه التدخل الأجنبى فى الشأن المصرى وجعل من الكنائس القبطية فى الخارج سفارات للمصريين، وتتويجاً لوطنيته أمر المجلس العسكرى بلف جثمانه بعلم مصر ونقله من القاهرة لمدفنه بوادى النطرون فى طائرة عسكرية.

«السرساوي»: جعل الكنائس في الخارج سفارات ترحب بجميع المصريين 

وقال الكاتب الصحفى أحمد السرساوى، لـ«الوطن»، إن البابا شنودة كان له العديد من المواقف الوطنية، التى تتجلى فى 6 نقاط تعتبر نقطة تحول فى حياة الوطن وهى:

رفض البابا شنودة الثالث زيارة قبر السيد المسيح وكنيسة القيامة فى القدس إلا عندما يدخل مع شيخ الأزهر أو عندما يدخل شيخ الأزهر المسجد الأقصى، قائلاً: «لن أدخل القدس إلا بتأشيرة فلسطينية على جواز سفرى ومع صديقى شيخ الأزهر»، متابعاً لم يكن هذا مجرد تعبير عاطفى ولكنه كان تعبيراً عن اللحمة الوطنية والتماسك الاجتماعى بين المصريين بتنوع انتمائهم.

وكان البابا شنودة من أكثر الشخصيات المصرية والعامة توجهاً للجبهة المصرية بشكل متكرر وواضح سواء فى حرب الاستنزاف سنة 1967 وحتى فى حرب أكتوبر المجيدة؛ لرفع الروح المعنوية للجنود.

وواجه البابا شنودة العديد من التدخلات الأجنبية فى الشئون المصرية الداخلية، التى كانت تتصيد المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وتحاول أن توسع مداها، ويطلبون زيارة البابا لمناقشة هذه المشكلات ولكن كانت إجابته الدائمة الرفض التام لأى بعثة أجنبية مشبوهة تسعى للنبش فى تلك الموضوعات والتدخل فى الشأن الداخلى، ولم يحدث على الإطلاق أن زار البابا شنودة دولة منفرداً دون وجود السفير المصرى لهذه الدولة، فكان مصرياً حتى النخاع، كما قال عنه أديب نوبل نجيب محفوظ، إذ كان حريصاً عند تلبية دعوات القيادات الأجنبية والرؤساء لزيارة دولهم على أن يكون برفقة السفير المصرى لهذه الدولة.

وأضاف «السرساوى» أنه جعل الكنائس المصرية فى الخارج وكأنها سفارات، فكانت ترحب بجميع المصريين دون النظر لاعتبارات دينية. فقد قام البابا شنودة بتوسيع الكنائس فى الخارج، حيث كانت الكنيسة القبطية تمتلك ٦ كنائس فقط فى الخارج، وعندما جلس البابا شنودة على الكرسى المرقسى وصل عدد الكنائس لـ٢٢٠ كنيسة فى الـ٦ قارات يوم وفاته، موضحاً أن زيادة عدد الكنائس فى الخارج كانت بهدف خدمة تجمعات المصريين فى المهجر، كما أن هناك بعض الطقوس الكنسية التى لا تتم إلا فى وجود كاهن لا يستطيع المسيحى القيام بها بمفرده مثل الاعتراف والتناول.

البابا شنودة تولى رئاسة الكنيسة في ظروف صعبة جدا

وأكد أن البابا شنودة تولى رئاسة الكنيسة فى ظروف صعبة جداً، فقد كانت مصر فى فترة حرب الاستنزاف، وعلى المستوى العالمى كان العالم يمر بوقت صعب، فقد كانت هناك فترة الحرب الباردة والصراع بين أمريكا والاتحاد السوفيتى السابق، كما شهدت تلك الفترة استشهاد العديد من الشخصيات المهمة منهم الفريق عبدالمنعم رياض ووفاة جمال عبدالناصر ونياحة البابا كيرلس، وكانت تخيم على مصر سحابة من الحزن، وبعد توليه حدثت فتنة فى منطقة الخانكة، ولكن استطاع البابا شنودة بحكمته ووطنيته التغلب على كل هذا، والخروج من كل هذه الأزمات، وهو أكثر التحاماً بالوطن وتمسكاً به.

وأوضح أن وطنيته ظهرت فى جنازته، فقد ودّع المصريون جميعاً البابا الـ١١٧ فى جنازة مليونية لم ينلها إلا ثلاثة فى تاريخ مصر بهذه الكثافة، وهم جمال عبدالناصر وأم كلثوم والبابا شنودة، فلم يخرج فى وداعه المسيحيون فقط، كما شهد الطريق الصحراوى للدير يوم دفن البابا شنودة عدداً من السيارات لم يشهدها من قبل، وحرص المجلس العسكرى على لف جثمانه بعلم مصر وتم نقله من القاهرة إلى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون فى طائرة عسكرية خصصت لتلك المهمة.

وأما عن السبب وراء لقب «بابا العرب» فقال «السرساوى» إن محبة البابا شنودة لم تقتصر على المصريين فقط، ولكنها امتدت للوطن العربى كله، فكان أكثر بابوات الكنيسة زيارة للخارج، حيث زار تقريباً جميع دول الوطن العربى، ما عدا دولتين أو ثلاث، كما كان أول بابا يدعى للتكريم فى السفارة السعودية فى مصر، وتم تكريمه، ووصف هذا الحدث بالاستثنائى.

وتابع أن البابا شنودة كان أول بطريرك يفتتح كنائس مصرية فى الكثير من الدول العربية فى البحرين والكويت والإمارات ولبنان وسوريا، كما أنه كان البابا العربى الوحيد وسط بابوات الكنائس الكبرى فى العالم من بين الطوائف المسيحية فى العالم، ولهذا أطلق عليه لقب «بابا العرب».





جريدة الوطن

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *