قبل مائة عام جاء إلى الدنيا «نظير جيد»، وجرى فى الآفاق من طول لعرض، متنقلاً بين دروب المحروسة، بدأها يتيماً فى قرية «سلام» بمحافظة أسيوط عام 1923م، وغادرها فى 2012 بمنطقة العباسية بمحافظة القاهرة، وهو يحمل اسم «شنودة الثالث» ولقب «بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية» رقم 117 فى تعداد بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
فمن رأى الدنيا كـ«بخار مضمحل» باعها بحثاً عن الخلاص، غادر المدينة بصخبها، وذهب إلى دروب البرارى يبحث عن «السكون» فى وادى النطرون، ليكون ناسكاً فى محراب دير السريان باسم «أنطونيوس السريانى» عام 1954م، وليكون من الرعيل الأول من حَمَلة المؤهلات الذين يخترقون صوامع الرهبان، بل قاده ظمأ البحث عن التوبة ليعيش متوحداً فى مغارة فى حضن الجبل، قبل أن يصبح سكرتيراً للبابا الراحل كيرلس السادس، ويدخل بلاط المقر البابوى، فى عهد البطريرك الـ116 للكنيسة، الذى رسّمه بعد تلك اللحظة بثلاثة أعوام أسقفاً للتعليم، ويصير خليفته بعد وفاته فى 1971م، ليحمل اسم البابا «شنودة الثالث».
أربعون عاماً قضاها «شنودة الثالث» على سدة الكرسى المرقسى، صار خلالها اليتيم «أباً» للملايين من البشر، الذين توجوه فى قلوبهم بكل الألقاب، ورفعوه إلى مرتبة «القديسين»، وآمنوا ببركاته، ومنحوه لقب «معلِّم الأجيال». عشقه المسلمون قبل الأقباط، وبكا الجميع فراقه، حتى كان وداعه مهيباً، حينما وارى جسده الثرى فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون. فى الذكرى الحادية عشرة لوفاته، وقبيل شهور من الاحتفال المئوى بميلاده، تحتفى «الوطن» برحلة البابا شنودة الثالث المتوج فى قلوب المصريين حياً وميتاً.
التعليقات